معرض الكتاب يحتفي بخناتة بنونة.. أور مغربية كسرت جدار الصمت

معرض الكتاب يحتفي بخناتة بنونة.. أور مغربية كسرت جدار الصمت
الأديبة خناثة بنونة خلال حضورها حفل الاحتفاء بمنجزها ومسارها
الأديبة خناثة بنونة خلال حضورها حفل الاحتفاء بمنجزها ومسارها
الأديبة خناثة بنونة خلال حضورها حفل الاحتفاء بمنجزها ومسارها
الأديبة خناثة بنونة خلال حضورها حفل الاحتفاء بمنجزها ومسارها
تحت الأضواء
معرض الكتاب يحتفي بخناتة بنونة.. أور مغربية كسرت جدار الصمت
الأديبة خناثة بنونة خلال حضورها حفل الاحتفاء بمنجزها ومسارها
الأديبة خناثة بنونة خلال حضورها حفل الاحتفاء بمنجزها ومسارها

"لم أكن أبداً أومن بالمستحيل.. كانت منذ البداية تسكنني فكرة التفرد والاختلاف.. لم يكن يشدني ما يشد الأطفال في وقتي.. لقد كنت أحلم بتغيير العالم".

هكذا تقول سيدة الأدب الأولى في المغرب، الأيقونة خناتة بنونة، واصفةً الطفلة التي كانتها في البدايات الأولى. إنها "نخلة مغربية" كما تحب أن تصف نفسها دائماً، والنخلاتُ اللواتي هن مثل خناتة بنونة لا يرضين بشيء أقل من السماء. أما الأرضُ فيغرسن فيها عميقاً الجذور. ولذلك كانت خناتة صامدة وثابتة في وجه الزمن والساسة والتقاليد والمجتمع.. هادنت كل هذا بالكتابة والشجاعة، فهادنتها الحياةُ بأن جعلت منها ما هي عليه اليوم، وبتواضع الكبار. تقول خلال حفل تكريمها الذي احتضنه المعرض الدولي للنشر والكتاب بحضور شخصيات يتقدمها وزير التجهيز والماء، الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة: "إن الله اختارني أن أكون هكذا.. أنا في الحقيقة لم أفعل شيئاً".

 

خناتة بنونة.. بداية الحكاية

كان الوقت خريفاً حينما جاءت إلى هذا العالم في شتنبر عام 1940. كان كل شيء في الطبيعة حولها يتساقط. وكان مقدراً لها ربما أن تأخذ شيئاً عن هذا الطقس الخريفي.. أن تسقطَ حينما تكبر كل الأفكار المقيِّدة للحرية كيفما كانت. كبرت خناتة في كنف أسرة مغربية محافظة، لكنها معادية للاستعمار الفرنسي. كان سيكتب لخناتة قدر آخر مغاير تماما، وربما م نكن ربما لنعرفها أبدا أو لنقرأ لها شيئاً.

فقد كان والدها ينوي تزويجها صغيرة لكن الراحل علال الفاسي تدخل في آخر اللحظات. وجعل منها بهذا القرار، الكاتبة والمناضلة التي نعرف اليوم. ولذلك تحديدا فهي تعتبره أباها الروحي كما كان هو يراها ابنة روحية له أيضا.. لمح في عينيها اختلافاً وتميزاً.. فكانت خناتة بنونة من النساء القلائل اللواتي أسعفهن القدر ليحظين بحق التعليم إبان فترة الاستعمار.. هنا تحديداً بدأت حكايتها الحقيقية في التمرد والكتابة وتكسير جدران الصمت حيثما كانت.

 

حينما سقط الصمت أخيرا..

لم تكن امرأة عادية وبأحلام عادية أيضا.. كانت تحلم بتغيير العالم والكون وحينما لم تفلح، قررت أن تُسقط الصمت على الأقل.  تحدت الأسرة المحافظة والمجتمع، فكانت خناتة بنونة أول امرأة مغربية تصدر مجموعة قصصية، كان ذلك في العام 1967. أسمت هذا المؤلف "ليسقط الصمت". فسقط فعلاً ومهدت طريق الكتابة الذي كان حينها حكرا على الرجال دون النساء، لكاتبات عديدات بعدها. لم تكتف بهذا بل أصدرت مؤلفا آخر كان رواية هذه المرة وكانت أول رواية أيضا يكتبها قلم نسائي بالمغرب، أسمتها "النار والاختيار".ثم توالت العناوين والإصدارات. خناتة إلى جانب كونها أول كاتبة في المغرب هي أيضا أول صحافية فيه. حيث كانت أول من حصل على البطاقة المهنية من النساء. بالرغم من أن تجربتها في الصحافة لم تكن طويلة ولكنها كانت كافية جدا كي تحدث الأثر..

أسست مجلة الشروق النسائية  التي كان يكتب فيها عدد من الكتاب والشعراء العرب من بينهم الشاعر السوري نزار قباني. انتهت هذه التجربة باكرا لاعتبارات تتعلق بالمناخ السياسي العام. عن هذا التوقف أخبرها علال الفاسي: "كان يجب أن تتأخر ولادتك بالمغرب إلى ما بعد 100 سنة أخرى حتى يصل إلى المرحلة التي وصلت لها". ولكن كانت لخناتة بنونة كلمةٌ وكانت مصرة أن تقولها بأي شكل من الأشكال.. تقول رأيها ثم تمضي غير آبهة للزوابع التي تتركها في الخلف، تعلق على الأمر بقولها: "هذه التي ترونها شجاعة أنا أعتبرها سلوكا عاديا.. هكذا ينبغي أن نكون.. هكذا ينبغي أن يكون الإنسان أن يقول لا بحزم حيثما وجب..". كانت مزعجة وجريئةً ونادرةَ التنازل عما تراه حقا.

 

الزاهدة في كل شيء..

إلى جانب كل ما حققته الكاتبة خناتة بنونة طيلة حياتها، ظلت امرأة زاهدة في كل شيء. كرمت في كل مكان تقريبا، لكن ذلك لم يغير في نفسها الصافية شيئاً. تدافع كعادتها عن القضايا التي تراها عادلة. حيث ارتبطت بالقضية الفلسطينية وهي من أكبر داعميها. حصلت سنة 2013 على جائزة القدس في سلطنة عمان، لكنها رفضت تسلمها وآثرت أن تتبرع بقيمتها المالية لبيت مال القدس قائلة جملتها الشهيرة "مال القدس يرجع إلى القدس". كما أحدثت مؤخرا جائزة للبحث العلمي باسمها وغير ذلك الكثير من المواقف النبيلة التي تتبناها خناتة بنونة.

في كل محطة من محطات حياة هذه الكاتبة العظيمة شيءٌ يستحق أن يروى بدءً بالمواقف الإنسانية مرورا بالمواقف السياسية الحازمة وانتهاءً بزهدها في كل شيء.. صمدت أمام العديد من الإغراءات وظلت هي كما هي شجاعة ورقيقة وأديبة وحالمة والحالمون لا يقبلون الترويض. كانت هذه باختصار حكاية كاتبة المغرب الأولى كاسرة جدار الصمت خناتة بنونة.

WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE