تحديات البحث والكتابة في الذاكرة والأرشيف والتاريخ تحت أضواء المعرض الدولي للكتاب

تحديات البحث والكتابة في الذاكرة والأرشيف والتاريخ تحت أضواء المعرض الدولي للكتاب
تحديات البحث والكتابة في الذاكرة والأرشيف والتاريخ تحت أضواء المعرض الدولي للكتاب
تحديات البحث والكتابة في الذاكرة والأرشيف والتاريخ تحت أضواء المعرض الدولي للكتاب
تحت الأضواء
تحديات البحث والكتابة في الذاكرة والأرشيف والتاريخ تحت أضواء المعرض الدولي للكتاب
تحديات البحث والكتابة في الذاكرة والأرشيف والتاريخ تحت أضواء المعرض الدولي للكتاب

ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، احتضنت قاعة "تواصل" ندوة علمية خصصت لموضوع "الذاكرة والأرشيف والتاريخ: العوائق والتطلعات"، سعى المشاركون فيها إلى معالجة القضايا المرتبطة بالمراحل والأهداف المتعلقة بصيانة وإعداد الأرشيف، وكذا طرق الاشتغال عليه كمادة مصدرية للكتابة التاريخية.

وفي هذا السياق عبر الأستاذ علي بن تميم، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، ورئيس مركز أبو ظبي للغة العربية، عن أهمية الموضوع، والذي يرتبط بالتراث من جهة، وبكتابة المستقبل من جهة أخرى، إلى جانب التطرق إلى العوائق وتطلعات الذاكرة والأرشيف والتاريخ، مسلطا الضوء على أهمية اللغة والذاكرة تحديدا قائلا: "لا شيء خارج النص"، ومضيفا "لا شيء خارج اللغة".

وأشار المتحدث نفسه إلى مسألة اللغة عند أبو الطيب المتنبي الذي عرفها بالقول "وَبِهِمْ فَخْرُ كُلِّ مَنْ نَطَقَ الضَّادَ وَعَوْذُ الجَانِي وَغَوْثُ الطَّرِيدِ"، موضحا أن أبو الطيب "لا يفتخر باللغة مثل ما نفتخر نحن أو بطريقة المعاصرين وإنما يفتخر بها لأنها تعلمه القيم التي يعتز بها وهو الضرب على يد الظالم".

وأضاف السيد علي بن تميم أن اللغة هي الأرشيف المركب الذي علينا أن ندرسه ونصنفه لكي نتعرف على كنوز من المعارف، "أليست الفروق بين اللهجات العربية المختلفة أرشيفا ثريا يصلح مدخلا لدراسة التاريخ العربي وروافده المتعددة؟"، يقول متسائلا، ثم يضيف أن اللغة بهذا المعنى هي مخازن المعرفة، وبالرغم من اختلاف وسيلة الحفظ فإنه لا يتغير، سواء كان هذا الحفظ شفويا كما كان قديما قبل التدوين، أو التدوين كما حدث في عصر الحضارة العربية، وحتى ما تم في العصر الحديث من استغلال للأدوات الحديثة لأرشفته وحفظه بأشكال مختلفة.

وأضاف المتدخل أن اللغة عادت اليوم إلى إمكانية التحرير والإضافة والحذف عبر الوسائط التقنية الحديثة، وهو أمر يستدعي اهتمام المختصين بالأرشيف، مواكبة لتطور تلك العلاقة بين اللغة والتكنولوجيا.

من جانبه تناول السيد الجيلالي العدناني، رئيس شعبة التاريخ سابقا، ومدير تاريخ الزمن الراهن بجامعة محمد الخامس، من  خلال مداخلته، إشكالية الأرشيف والذاكرة والتاريخ، إلى جانب إشكالية كتابة المستقبل والعلاقة بالتراث خاصة، مؤكدا أننا الآن مهددون بتقنيات جديدة في الكتابة، متسائلًا عن إمكانية تواجد برمجيات تساعد في هذه العملية، من خلال تزويدها بكل المعطيات والأحداث لكتابة مقال حول موضوع معين، مضيفا أن المؤرخ المحترف لا يمكن أن تحل محله الآلة أو التكنولوجيا، "لأن العملية جد معقدة، فهذه الأرشيفات تخضع لسياقات معينة ومحددة"، مسلطا الضوء على الأرشيف الفرنسي وما كتبه المستعمر الفرنسي الذي في كل مرة يعطي رواية حول الحدود ومغربية الصحراء، وذلك وفق من ينتج هذا الأرشيف "هل هي سلطات مدنية دبلوماسية أم سلطات عسكرية أم سلطات أخرى تابعة؟".

ومن جهته قدم الأستاذ سمير بوزويتة، أستاذ التاريخ وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، كتاب "العلاقات المغربية النمساوية -الهنغارية" نشره سنة 2020، والذي جاء في إطار سلسلة من الكتب التي تهتم ببعض العلاقات التي لم يهتم بها الكثير من المؤرخين، مشيرا إلى أن هذا الكتاب هو تاريخ وذاكرة مشتركة تجمع المؤرخين، إلى جانب كتب أخرى كالذين تخصصوا في العلاقات المغربية السويدية وكذلك العلاقات المغربية مع بلجيكا، الشيء الذي دفع المؤرخين المغاربة والأجانب إلى الإجماع على أن المغرب بلد يضرب في عمق التاريخ بجذور تمتد إلى ما قبل العهود الرومانية والفينيقية.

كما أشار المتحدث نفسه إلى صعوبة كتابة التاريخ، "لكن تحديد مرحلة معينة سيثير اهتمام المؤرخين"، مضيفا أن هذا الكتاب يؤكد ويجسد مدى ذكاء سلاطين الدولة العلوية، خاصة منذ عهد السلطان سيدي محمد عبد الله، كما يأتي هذا الكتاب في إطار دينامية عرفها المغرب خلال هذه المرحلة، وجعلته يستفيد من موقعه الجغرافي وربط علاقات استراتيجية مع كثير من الدول، مع توالي العديد من الأحداث المهمة آنذاك.

وتفاعلا مع موضوع الندوة، قدم الأستاذ خالد عيش، باحث ورئيس قسم النشر والتواصل بمؤسسة أرشيف المغرب، مداخلة ركزت على العلاقة بين الأرشيف والذاكرة والتاريخ، لكن من باب تداخل الأرشيف في الذاكرة والتاريخ، موضحا أنه وبالرغم من أن الثلاثة يشتركون في استقراء الماضي وتدبير زمنه، ولكنهم يختلفون في المفهوم والدلالة، مضيفا أن الأرشيف في الرفوف لا يتكلم ولا يتفاعل لكنه في حاجة دائمة لمن ينعشه ويفجره، وهو الفعل الإنساني الباحث عن الذاكرة، والذاكرة بدورها كذلك هي في حاجة للأرشيف للاسترجاعها وجمع مكوناتها من جديد، ويستحضرها ويصونها.

وأضاف السيد خالد عيش، أن بين منزلة الأرشيف والذاكرة، يأتي التاريخ كمتدخل أو كمستفيد من تدخل الأرشيف في إثبات ماهيته العلمية من جهة، ومن جهة ثانية في تنقيح الذاكرة من كل ما هو أسطوري ومن كل ما هو ذاتي في جميع أشكاله، "فالأرشيف ليس بتاريخ ولا بذاكرة، لأن الوثائق عندما أنتجت لم تنتج بغرض إتاحة المعلومة للباحثين الذين سيأتون، بل الدفاع عن الحقوق وإقرار حقوق الأشخاص".

WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE