احتضن رواق "لقاء" يوم الأحد 12 ماي 2024، في فضاء المعرض الدولي للنشر والكتاب المنظم في دورته 29 بمدينة الرباط، الكاتبين الحائزين مناصفة علــى جائــزة المغــرب للكتــاب فــي صنــف العلــوم الإنســانية برسـم ســنة 2023، وهما كل من الكاتب الغالي أحرشاو، وهو أستاذ وباحث في علم النفس عن كتابه "اللغة والمعرفية: دراسة في اكتساب العربية، وتعلمها"، والكاتب والمؤرخ المغربي والأنثروبولوجي عبد الأحد السبتي عن كتابه "من عام الفيل إلى عام الماريكان: الذاكرة الشفوية والتدوين التاريخي"، فيما تولى تسيير اللقاء الكاتب والناقد حسن بحراوي.
"المعرفة الإنسانية تحيل على ما هو معرفي ذهني"
قدم الكاتب الغالي أحرشاو موضوع كتابه المتمحور حول دراسة في اكتساب اللغة العربية وتعلمها، باعتبارها من السجالات الكبرى منذ ثمانينيات القرن الماضي، كما أن "المعرفة الإنسانية تحيل على ما هو معرفي ذهني". وأكد الغالي أن اللغة ذات الوظيفة التمثيلية والتواصلية تندرج في "خانة السيرورة مقابل البحث والتقصي".
وفي سياق الحديث عن المسعى الأساسي من الكتاب، أوضح الغالي على أنه استقصاء لملامح علاقة الأنشطة المعرفية بسيرورة اكتساب اللغة، وكل ما يتولد عن ذلك من مخرجات في تخصص علم النفس واللغة والتربية والتدريس والممارسات الناجعة في التعليم والتقويم.
وأضاف الغالي أن الكتاب هو حصيلة تراكم تجربته الطويلة في البحث والتأطير في مجال المعرفي والسيكولوجي، باعتبار حقل البحث في اللغة في علاقتها بالمعرفة يشكل توجها جديدا في حقل علم النفس، كما أن الأعمال التي خصصت في هذا الموضوع جد محدودة وفي بداياتها الأولى، كما أن "السيكولوجية المعرفية هي عنصر أساسي وفعال قادر على الفهم والتنظير قبل الانخراط في سيرورة التمدرس".
"التاريخ الشفوي بقراءة غير تراثية وببعد يطرح الأسئلة"
بدوره أستاذ التاريخ والأنثروبولوجيا عبد الأحد السبتي، قدم شذرات حول كتابه، الذي حاول البحث في الذاكرة الجماعية والشعبية، من خلال الاشتغال على "التاريخ الشفوي بقراءة غير تراثية وببعد يطرح الأسئلة"، وذلك من أجل الجواب على أطروحة أساسية انفرد بها الكتاب وهي "عدم وجود قطيعة بين الثقافتين، الشفوية والمكتوبة".
وفي نفس الصدد، تحدث السبتي عن تكامل الثقافة العالمة والشفوية، كما أكد أن العديد من التسميات الشعبية تأخذ صداها حسب ما يطلق عليها العامة؛ كـ "عام البون" و"عام مياو مياو" وغيرها الكثير من التسميات التي لُوحظ أن الفقهاء والأولياء قديما لعبوا دورا في رصد التسميات التي يطلقها عامة الناس.
وعن الماضي والحاضر، أوضح السبتي غياب تمثل الزمن في الذاكرة الشفوية، بحيث أن "الزمن لا يمثل سيرورة" أي أن هناك تقاطعات بين الماضي والحاضر وعدم وجود مسافة فاصلة بينها، وفي بعض الأحيان الزمن يعيد نفسه، كتكرار بعض الظواهر كـ "عام الجوع"، أي الجفاف وقلة الموارد وهو ما يسمى بـ"الزمن الدائري".
وأنهي السبتي حديثه، بالإشارة إلى الأزمنة الموجودة في الثقافة الشفوية والعالمة أيضا، وهي الزمن الزراعي والذي يمثل الهشاشة في المجتمع والمعاش، ثم زمن "المنقبة" وهو تدخل العنصر الغيبي لتفسير الظواهر الطبيعية (الجفاف، المطر… ) وزمن القيامة وعلامات الساعة والعقاب ومنقذ أخر الزمان.
ويأتي تقديم الكتابين في سياق الاحتفاء بهما بعد حصولهما على جائزة المغرب للكتاب برسم دورة 2023 في دورتها الرابعة والخمسين، المقدمة من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، كمكافأة وطنية لأجود المؤلفات في ميادين الإبداع والبحث والترجمة.