كان الشاعر المغربي حسن نجمي يرغب دائما في أن يوثق لندوبه لأنها "تحمل ذاكرة" كما يحمل العقل ذاكرته الخاصة مع تقدم السنين. هذه الرغبة قادته بكل بساطة الى كتابة ديوانه الجديد "ندبة أوليس". باح حسن النجمي بهذه التفاصيل في محاورة أجراها معه الشاعر المصري أحمد الشهاوي برواق وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ضمن فعاليات اليوم الثامن من المعرض الدولي للنشر والكتاب المنظم بالرباط من 03 إلى 12 يونيو 2022.

وعن قصة اختياره لهذا العنوان، قدّم حسن نجمي سببين اثنين، أولهما ذاتي، إذ يحكي عن ندبة سبّبها شقيقه "مصطفى" على أنفه عندما كانا طفلين، ومنذ ذلك الحين ظلت تلك الندبة مرافقة له في جميع أحداث حياته وذكرياته. ومع التقدم في السن "يبدأ الانسان يتأمل طبيعة جسده"، يقول حسن نجمي، مشيرا إلى أنه دائما ما كان يأمل في انجاز كتاب حول الندوب لأنها "تحمل ذاكرة".

وعلّق الشاعر المصري، أحمد الشهاوي، على هذا العنوان الشعري، بالإشارة إلى أن "الندبة" و"الندوب" كانت دائمة الحضور في أعمال حسن نجمي بشكل متكرر. أما عن السبب الموضوعي فيحكي الشاعر المغربي عن فصل للكاتب الألماني إيريك أورباخ في كتابه « Memesis »، والذي عنون أحد فصوله ب"ندبة أوليس"، وتحدث أورباخ فيه عن قصة أوليس الذي كان يقود جيوش "إيطاك" في حرب "طروادة"، وفي طريق عودته من الحرب منتصرا إلى بلده حدثت عاصفة أغرقت أسطوله وظل لعشر سنوات حبيس جزيرة، وعشر سنوات أخرى تائهاً في البحار. بعد عثوره أخيراً على مدينته، يعود أوليس ملتحياً ومتسّخاً بملابس رثة، فلم يتعرف عليه أحد سوى كلبه، وبعد وصوله إلى باب القصر، قدّم نفسه للحراس على أنه يحمل أخبارًا عن "أوليس" إلى الأميرة "بينيولوبي" (زوجته) غير أنهم لم يسمحوا له بالدخول بسبب مظهره غير المناسب، لكن بمجرد أن علمت الأميرة بقدوم رسول يحمل أخبار زوجها، طلبت منهم تنظيفه والسماح له بالدخول، ولم يكلّف بمهمة التنظيف سوى مربيته السابقة، والتي تعرّفت عليه مباشرةً بعد وقوعها على ندبة في ركبته، ومن هنا جاء اختيار حسن نجمي لعنوان عمله. وعن كواليس تجميعه لديوانه، قال نجمي إن العمل أخذ منه شهرين، وقد تضمن العمل أجمل قصائده بالإضافة الى قصائد أخرى تتضمن رسائل يريد أن يبعثها الى القارئ، مشيرا في الآن ذاته الى أنه بالنسبة للشاعر، كلما "تقدم في الوعي الجماعي والجمالي يصبح هناك نوع من الخصومة والتنافر مع بعض القصائد التي لا نبقى بنفس الروح معها". وأضاف نجمي أن هناك قصائد تبقى لها مكانة خاصة لدى الشاعر، ويمكن أن تتخلل عملية الانتقاء، في أي عمل شعري، بعض الأخطاء مثل "المغني الذي قد لا يتوفق في اختيار أغان تناسب جمهوره وسياق الحفل".