اهتم السيميائي المغربي، سعيد بنكراد، في أحدث كتبه المعنون ب"السرد الديني والتجربة الوجودية "الصادر عن المركز الثقافي للكتاب مطلع سنة 2024 بدراسة السرد الديني وعوالم الحكي الرمزية داخل الكتب المقدسة. وهو عمل فكري يعيد قراءة النصوص الدينية في بعدها القصصي وما تطرحه من قضايا ذات صلة باللغة والخطاب والدلالات .

وأبرز المؤلف في حديثه للصحافة، أن حكايته مع النص القرآني والقصص القرآنية بدأت منذ الصغر، و"أول كتاب قرأته في حياتي هو القران... كان المصحف متداولا بشكل كبير بين أفراد عائلتنا. الحكايات الأولى التي سمعتها في حياتي كانت تلك التي جاءت في القران. عندما بدأت أفهم، رأيت أن هذه النصوص بالذات، تحتاج الى قراءة أخرى، لا تؤكدها أو تفندها وإنما لكي تنظر اليها من زاوية أخرى، الزاوية هذه انبنت في تصوري واعتقادي على  فكرة مركزية مفادها أن ننتشل هذه القصص القرانية من التاريخ، لكي نسكنها عوالم الرمز، وهو ما سيجعل تأثيرها أقوى وذاكرتها أطول ذلك أن مرجعيتها مخيالية أكبر بكثير".

ثم استرسل المؤلف: "تركت أبراهام التاريخ، وإبراهيم الدين، لأنظر في رحلة الكائن البشري على الأرض: فكرة التأمل والمحاولة ".

وأكد سعيد بنكراد أنه جعل من شخصية  إبراهيم "ليس انسانا يمكن أن نتداول في شأن ذاكرته، لكن باعتباره يمثل كل ما يمكن أن يستوعبه الكائن البشري"، من قلق وجودي يقود للبحث عن المرئي في الأشياء اللامرئية، أي عملية البحث في الأرض عن اله لا يرى -بدل الأوثان-  "لأن الذي يتغير ويتبدل... الذي لم يخرج من حيز المرئي،  لا يمكن أن يكون جديرا بالعبادة."

وفي نفس السياق يخلص صاحب الكتاب الى أن الحقائق التي يبنيها التخييل أقوى في الوجود وأقوى الذاكرة من الحقائق التي تأتي من التاريخ. فعندما نتحدث عن الشخصيات التخييلية فاننا نوسع من ذاكرتها وكلما تمت الإحالة عليها تتحول الى رمز , والرمز يغتني بالتجارب المتتالية . " لذلك عندما أعود الى الأنبياء الذين حاولت دراستهم , أعطيهم حياة جديدة تمتد في الحاضر تحت ظلال رمزية مجازية" .