شكل "السرد والصدمات النفسية" موضوع ندوة أدبية احتضنها فضاء الندوات بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في نسخته الثلاثين، حيث تم تسليط الضوء على الدور الذي يضطلع به الأدب في التعبير عن الصدمات النفسية وتجاوزها، وذلك بحضور كتاب وأدباء ومتخصصين في التحليل والعلاج النفسي في كل من المغرب وفرنسا والإمارات.
واستهلت الكاتبة والروائية الإماراتية مريم الغفلي مداخلتها في الندوة بالحديث عن أهمية الكتابة قائلة إن "الكتابة ليست مجرد وسيلة للتعبير بل هي أداة لفهم النفس البشرية واستكشاف المشاعر الإنسانية العميقة".
ونبّهت الكاتبة إلى أن "الكاتب شبيه بالاسفنجة فهو يمتص كل مايحيط به من مشاكل وصدمات ويعكسها عن طريق الكتابة، ويضع بذلك القارئ في مواجهة مباشرة مع تجربته الشعورية".
وأشارت الغفلي في نهاية مداخلتها إلى"حكاية رجل مصري توفيت زوجته وأصابه الحزن والاكتئاب، فأوصاه الكهنة بكتابة مشاعره وقراءتها على قبرها وهي حكاية سجلها التاريخ المصري القديم ويحتفظ بها اليوم في متحف ليجر بهولندا".
من جانبه، تحدث الناقد المغربي إدريس الخضراوي عن الكتابة بوصفها قوة علاجية مؤكدا على"الوظيفة التي يلعبها الأدب والكتابة بشكل عام في مساعدة الإنسان الذي يشعر بأنه مسكون بغرابة مقلقة، وفي شفاء أولئك الذين يشعرون بأنهم لا وجود لهم في التاريخ وأنهم يعيشون على هامش الحداثة".
كما أشار الناقد إلى كتابات إدوارد سعيد "الذي لجأ إلى السرد وإلى القصص لكي يعبر عن ذاته وعن الصدمة التي عاشها منذ طفولته واستمرت إلى آخر حياته ألا وهي صدمة الشعور بأنه خارج المكان وبأنه في غير مكانه".
أما الناقد المغربي حسن المودن الذي يركز في أعماله على التحليل النفسي للأدب، فقد تطرق في مداخلته إلى الطرق التي يدبر بها السرد الصدمات النفسية، وهي الكتابة-الصدمة والكتابة مابعد الصدمة، وأوضح أن "الكتابة الصدمة تنقل الاصطدام الذي وقع لذات الكاتب إلى الكتابة، ونجدها لدى كتاب مثل محمد شكري في "الخبز الحافي" وليلى أبوزيد "في الرجوع إلى الطفولة".
أما بخصوص الكتابة مابعد الصدمة، فأوضح الناقد "أنها صدمة أولى اختفت وعادت مرة أخرى بعد ظهور صدمة ثانية، ونجدها عند محمد برادة في "لعبة النسيان" التي ارتبطت بوفاة أبيه في البداية والتي كانت بمثابة الصدمة الأولى لدى برادة ثم بوفاة أمه فيما بعد والتي شكلت بالنسبة له الصدمة الثانية".
وشهدت الندوة في نهايتها تفاعل كبير من طرف الجمهور الحاضر حيث تعددت الملاحظات حول كيفية تطويع الأدب في التعبير عن الصدمات وقدرته على تحويل الألم إلى إبداع.