هناك أسئلة عديدة لا تناسبها فكرة الإجابة الواحدة؛ فكل كاتب يفعل ذلك وفق طريقته الخاصة. يكفي أن نقرأ العناوين التي أطلقها الكتاب على سيرهم الذهنية حتى نفهم ذلك جيداً. بين ما جرى وما كان سيجري هنالك دوما هامش للكتابة.
هناك أسئلة عديدة لا تناسبها فكرة الإجابة الواحدة؛ فكل كاتب يفعل ذلك وفق طريقته الخاصة. يكفي أن نقرأ العناوين التي أطلقها الكتاب على سيرهم الذهنية حتى نفهم ذلك جيداً. بين ما جرى وما كان سيجري هنالك دوما هامش للكتابة.
هناك أسئلة عديدة لا تناسبها فكرة الإجابة الواحدة؛ فكل كاتب يفعل ذلك وفق طريقته الخاصة. يكفي أن نقرأ العناوين التي أطلقها الكتاب على سيرهم الذهنية حتى نفهم ذلك جيداً. بين ما جرى وما كان سيجري هنالك دوما هامش للكتابة.
كيف يكتب الكُتَّابُ سيرهم الذهنية الخاصة؟ كيف ينصفون الخيال وانتقائية الذاكرة؟ وكيف يعيشون حياتهم كلَّ حياتهم من جديد فقط من خلال اللغة وباللغة وحدها...؟ ربما هناك أسئلة عديدة لا تناسبها فكرة الإجابة الواحدة؛ فكل كاتب يفعل ذلك وفق طريقته الخاصة. يكفي أن نقرأ العناوين التي أطلقها الكتاب على سيرهم الذهنية حتى نفهم ذلك جيداً. بين ما جرى وما كان سيجري هنالك دوما هامش للكتابة. للحديث عن هذا كله جمعت قاعة "حسان" بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، المنظم في الرباط من 03 إلى 12 يونيو 2022، كلا من السيميائي والأكاديمي المغربي سعيد بنكراد، والروائي التونسي حسونة المصباحي، والكاتب والروائي المغربي بنسالم حميش، وكذلك الناقد والروائي السعودي معجب الزهراني. فيما تولى تسيير هذا اللقاء الأدبي الفريد، الناقد والأستاذ الجامعي محمد الداهي. "حكايتي حكاية فردٍ وحكاية جيل". هكذا يصف الكاتب والروائي السعودي معجب الزهراني تجربته في كتابة السيرة الذهنية.
لم يكن يتوقع يوما أنه سيكتب حياته وسيجعل القراء يتلصصون على كل تفاصيلها. كانت تكفي صدفة قدرية صغيرة لتفجر في رأسه رغبة البوح ورغبة التوثيق. "جاءني اتصال من صحافي يطلب مني كتابة سيرةً عني في ألف كلمة لا غير". تساءل الزهراني هنا عن "كيف يمكن للإنسان أن يستدعي شريط حياته في بضع جمل وأسطر؟" ليقرر بعدها أن يكتب سيرة تكوينه. بين وصل وفقد وبين حزن ومتعة يقول معجب الزهراني: "كتبت سيرتي بشكل من أشكال التوتر الممتع"، ويضيف: "حاولت أن أصالح بين ذات الكتابة والذات موضوع الكتابة". مستعيرا مقولة أرسطو التي يقول فيها "اعرف ذاتك"، أشار معجب الزهراني إلى أننا "نعرف الكثير عن أسلافنا ونعرف القليل عن ذواتنا"، وبالتالي كانت كتابة السيرة عنده تحدٍّ عاشه على جبهتين لأنه أعاد اكتشاف ذاته من جديد ولأنه أيضا تخلى عن قبعة الناقد وكتب متحررا: "كفتى وكمراهق ثم ككهل خبر من الحياة ما يكفي من أجل الكتابة". "جيمس جويس" كان أول عهده بالقراءة، يقول الروائي التونسي حسونة المصباحي.
"قرأت لجيمس جويس أكثر من مرة.. حتى بقي راسخا في ذهني"، يقول المصباحي، مضيفا أن علاقته بالقراءة والكتب كانت فريدة. "كبرت في بيت ريفي بسيط ليس فيه أثر لأي كتاب"، يسترجع حسونة المصباحي من ماضيه، مشيرا إلى أن القراءة والكتب "تاه فيهما حتى الرمق الأخير"، ثم يضيف: "لقد بحثت عن نفسي في كل مكان.. ثم وجدتُني أخيرا في الكتب وبين الكتب". هكذا كانت كتابة السيرة عند المصباحي استعادة، لرحلته مع الكتاب منذ أن كان طفلا وإلى أن غدا كاتبا وروائيا يُقرأ له في مكان. وتحدث الروائي والوزير السابق للثقافة، بنسالم حميش، "عما آلمه أكثر مما أفرحه"، قائلا على لسان جملةِ كارل ياسبرز: "كتابة السيرة ينبغي أن تكون كتابةً عن الحالات الحدية القصوى". ويرى حميش أن العادي والمشترك غير صالح دائما لكتابة السيرة. "كلنا نعيش قصص حب.. كلنا نعيش قصص نجاح أو فشل.. كلنا نجرب نفس الأشياء"، لكن الفرق في نظره يكمن في "المقدار". حالة بنسالم الحدية القصوى يقول إنها تمثلت في الأمراض، فكتب سيرته ليؤرخ لذاكرة جسده وليقول لنفسه وللعالم "أنا هنا أنا ناجٍ وحيٌّ أنا الذي راوغ الموتَ ليكتب". مثقف آخر حملته الحيرة والظنون والتيه إلى كتابة السيرة. سعيد بنكراد كتب سيرته الذهنية وعنوانها "وتحملني حيرتي وظنوني"، في فترة الخلوة التي فرضتها عليه جائحة كورونا حينما جلس الواحد منا ربما لأول مرة وجها لوجه أمام نفسه بعيدا عن صخب اليوميِّ والعادي. ويقول بنكراد: "وجدت نفسي أواجه نفسي"، وكان الذي أنقذه من هذه المواجهة الضارية مع الذات اتصال من طالب سعودي طلب منه أن يكتب عن نفسه. وعن فعل الكتابة هذا يحكي بنكراد: "كتبت له دون توقف.. كتبت حتى اكتشفت أني فعلا أريد أن أعيش حياتي من جديد". استعاد سعيد بنكراد فعلا سيرة تكوينه لكنه اعترف في المقابل أن هذه الاستعادة "لم تكن أمينة.. ولا يمكن أن تكون". وهو هنا يعتبر أن هنالك دوما فجوة بين "ما عاشه الكاتب حقا وما يمليه الاستيهام وبين ما تأتي به اللغة والصياغة". لم يؤرخ سعيد بنكراد لسيرته فحسب، بل كتب بضمير الجماعة عن جيل بأكمله، هذا الجيل الذي يقول عنه "نحن جيل فاشل.. عشنا بأحلام قليلة وإحباطات أكبر". الحالة الوحيدة التي أسقط فيها بنكراد ضمير الجماعة في الكتابة هي لحظة الاعتقال أو "دهر الاعتقال" يقول ساخراً "كتبت عن تجربة الاعتقال بضمير الأنا المفرد لأني وحدي من تحمل الضرب والعذاب".