احتضنت قاعة الندوات بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، يوم الجمعة 09 ماي 2024 ندوة فكرية تحت عنوان: "الأدب أفقًا للتفكير"، ناقشت علاقة الأدب بعلم النفس ومساهمة الدراسات النفسية في خلق فرص للأدباء في بناء الشخصيات الأدبية ونقدها، ومدى استفادة علماء النفس من الأعمال الأدبية لرصد وتكوين الثقافة النفسية للمجتمع.

وشارك في هذا اللقاء كل من الكاتبة والمعالجة النفسية أسماء علاء الدين من مصر، والكاتب والروائي العراقي شاكر الأنباري، والناقد المغربي حسن المودن، مع تولي الكاتب والصحافي محمد عدة مهمة التسيير.

"المشترك بين الأدب وعلم النفس هو الإنسان"

عن علاقة الرواية بعلم النفس، تزعم الكاتبة والمعالجة النفسية أسماء علاء الدين على أن علم النفس والأدب يشكلان علاقة متينة ببعضهما كون موضوعهما الأساس هو الإنسان وما يدور حوله من أحداث. وتستشهد الكاتبة بأعمال أدبية أضافت الكثير لعلم النفس كـ"عودة أديب والسادية والنرجسية".

وفي صدد الحديث عن نفسية الأدباء، تقول علاء الدين أن الأدباء في "رحلة دائمة بين الشعور واللاشعور والواقع والخيال" وهو ما يجعل الكاتب في "منطقة رمادية "، بالإضافة إلى دور الكتابة في العلاج النفسي من خلال التفريغ الذي يقوم به الكاتب وأثرها على الصحة النفسية للأدباء.

إلى جانب نفسية الأدباء، تفصل المعالجة النفسية عن "الدور الذي يلعبه الأدب في تعميق العاطفة"، حيث تأتي الرواية، للتفصيل في المشاعر والأحاسيس وتصنيفها بشكل دقيق، من خلال الوصف والحكي.

"الأديب في حاجة لمعرفة الدواخل الخفية للشخصية"

بدوره تحدث الكاتب والروائي شاكر الأنباري، عن تكامل الأدب وعلم النفس، كون الشخصيات الروائية تتطلب من الكاتب أن يكون ملما بقراءة وتحليل الانفعالات النفسية وردود فعل الفرد تجاه المحيط، كما أن "الأديب في حاجة لمعرفة الدواخل الخفية للشخصية".

وأضاف الكاتب الأنباري أن الفن أيضا استفاد من علم النفس مثل نظريات فرويد ونظريات اللاشعور والتداعي الحر وأسست للتيار اللاوعي، وهو ما أنتج العديد من الحركات السيريالية المعروفة. كما استشهد الأنباري بالعديد  من الأعمال الأدبية التي تناولت الجانب النفسي، في مواضيع مجتمعية مختلفة "كعلاقة المرأة بالرجل وعقدة الذكورية ".

"المحلل النفسي لا يبحث في الأدب... بل يكتفي بما هو جاهز"

وفي إشكالية التحليل النفسي بالأدب، انطلق الناقد حسن المودن من فرضيات أساسية، بداية بالأدب والرواية بصفة خاصة، كمنطلق أساسي للتحليل النفسي، موضحا أن مدارس كبرى ذهبت في هذا النهج.

وذكر الناقد المغربي تجربة فرويد ودور علم النفس في اكتشاف ما سماه بـ"عقدة أوديب" من خلال  دراسته لروايات عديدة  لدوستويفسكي حول جريمة قتل الأب، والإخوة كارامازوف وغيرها من الروايات التي تطرقت لمفهوم العائلة. وانتقد المودن ما بعد تجربة فوريد باعتبار المحلل النفسي حاليا لا يبحث في الأدب عن مفاهيم نفسية جديدة، بل سار يكتفي بما هو جاهز في التحليل النفسي.

ويشرح الناقد المودن في حديثه عن الروائي والكاتب قائلا أن "في كل عمل أدبي لا بد من حبة حمق"،  باعتباره "الطفل الكبير"، غير أن المودن يتحفظ بضرورة الربط بين الإبداع  والمبدع في حالته النفسية وحياته، هذه المفارقة هي ما جعلت  الدراسات اليوم تركز على تحليل النصوص  في حد ذاتها أو تحليلها النفسي للنصوص في علاقتها بالقارئ.