ضمن البرنامج الثقافي للمعرض الدولي للنشر والكتاب، احتضنت إحدى الندوات الفكرية لقاء نقديا بعنوان "النقد الفني في المغرب بين لسانين"، خصص لمساءلة تجليات الكتابة النقدية حول المنجز التصويري المغربي، من خلال مقاربة مزدوجة تجمع بين اللغة العربية واللغة الفرنسية، والتي أدارتها الباحثة والخبيرة في الشأن الثقافي يسرى عبد المومن، وعرفت مشاركة كل من الناقدين شرف الدين مجدولين ويوسف وهبون، واللذان توقفا عند حدود التلاقي والاختلاف بين المرجعيات والأساليب المعتمدة في الكتابة النقدية بحسب اللغة.
في كلمته، اعتبر الكاتب والفنان التشكيلي والناقد يوسف وهبون أن هذا اللقاء يشكل لحظة مهمة لإعادة طرح سؤال النقد الفني في المغرب، في ظل ما وصفه بالعزوف المزدوج سواء من طرف الفنانين الذين لا يبدون حماسا كبيرا للنقد، ومن طرف الجمهور العام الذي لا يجد في الكتابات النقدية ما يشجعه على المتابعة والانخراط؛ مؤكدا أن هذا العزوف قد يجد تفسيره في كون النقد الفني، كما يمارس اليوم، لا يرقى إلى مستوى الدينامية الفنية التي يعرفها المشهد التشكيلي المغربي؛ مضيفا أن الساحة المغربية تتميز بحركة فنية غنية ومتنوعة، "ولكن للأسف التفكير حول الفن والكتابة عنه لا يواكب هذا الزخم"
وفي ختام مداخلته عبر المتحدث عن أمله في أن تشكل هذه اللقاءات مناسبة لإغناء النقاش وإعادة الاعتبار لهذا الفكر الفني.
من جانبه، توقف الباحث والناقد والأكاديمي شرف الدين مجدولين عند مفهوم "الثنائية اللغوية" في مقاربة النقد الفني، متسائلا عن سبب اختيار الفنون، تحديدا، لأن تكتب عنها بالفرنسية في المغرب، رغم أن هذه اللغة ليست لغة الأغلبية؛ واعتبر أن ثنائية العربية-الفرنسية تعكس تناقضات تاريخية وثقافية، مشيرا إلى أن الفن المغربي قد تطور كثيرا من خلال الكتابة النقدية بهاتين اللغتين، لكن ذلك لم يكن دوما نتيجة غنى وتكامل، بل أحيانا بفعل تغييب لغات أخرى، وعلى رأسها الأمازيغية، التي لا تحضر تقريبا في الخطاب النقدي البصري.
وأضاف المتحدث نفسه أن هذا الحديث هنا ليس فقط عن الثنائية، بل عن الفراغات اللغوية التي يتم فيها تهميش اللغة الأمازيغية، وهي لغة أساسية لفهم جزء من التعبير الفني بالمغرب، مضيفا أن هذه الإشكاليات مرتبطة بالعدالة اللغوية في النقد والإنتاج الثقافي عموما.
طرح هذا اللقاء مجموعة من الأسئلة المهمة، وبرز كدعوة لإعادة التفكير في طريقة كتابة النقد الفني بالمغرب، بشكل يأخذ بعين الاعتبار تنوع اللغات والثقافات؛ فالمشهد الفني المغربي يتطور باستمرار، وهذا يستدعي نقدا فنيا يواكبه، ويسهم في رفع الذوق الفني عند الجمهور، ويعزز فهم الناس للأعمال الفنية وتقديرها.