انعقدت ندوة تحت عنوان "الاعتقال الاحتياطي" برواق النيابة العامة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في نسخته الثلاثين، سلّطت الضوء على تحديات الاعتقال الاحتياطي في المغرب وسبل ترشيده، وذلك بحضور خبراء وأساتذة في العلوم القانونية والجنائية.
وافتتحت الندوة بكلمة لنائب وكيل الملك والدكتور في الحقوق، زكرياء العروسي، الذي أكد "أن الاعتقال الاحتياطي من المواضيع المثيرة للجدل لأنه يرتبط بالحرية والموازنة بين حق الضحية وحرية الجاني في نفس الوقت"، مضيفا أنه إجراء تحاول النيابة العامة دائما تجنبه، "لكن نظرا لبعض العوامل منها غياب البدائل مثل السوار الإلكتروني تضطر النيابة العامة إلى اتخاذ هذا الإجراء".
واستعرض العروسي ماتقترحه النيابة العامة من حلول لترشيد الاعتقال الاحتياطي ومنها "عقد اجتماعات دورية مع المسؤولين القضائيين، وتوجيه مجموعة من الدوريات والمناشير إلى المسؤولين القضائيين، وتنظيم دورات تكوينية وندوات مثل ما تم القيام به سنة 2021 من تنظيم سلسلة من الندوات التي شملت مختلف الفاعلين في مجال العدالة لرفع منسوب الوعي لدى الأجهزة المكلفة بتنفيذ القانون، وتلقي الشكايات والتظلمات ذات الصلة بالاعتقال الاحتياطي، وكذا تجميع الاحصائيات المرتبطة بالاعتقال، ليتم تضمينها على مستوى التقرير السنوي، وتكون متاحة أمام الرأي العام لتمكينه من المعطيات الإحصائية حول سيرورة الاعتقال الاحتياطي".
من جهته قال المتخصص في العلوم الجنائية، محمد أحداف، إن قانون المسطرة الجنائية الحالي "أحدث تعديلا مهما على نظام الاعتقال الاحتياطي عن طريق إخضاعه لقرارات وكيل الملك في قضايا الجنح والجنايات والمراقبة القضائية المباشرة في اليوم الموالي لاتخاذ قرار المتابعة في حالة الاعتقال".
وتابع"ان المشروع الجديد يتيح للمتهم ولدفاعه إمكانية الطعن في قرار الاعتقال وإلغائه في حال تبين لقاضي التحقيق أن قرار النيابة العامة يتجاوز حدود السلطة المخولة قانونا أو لم يكن مبنيا على مبررات مادية ومنطقية وقانونية كافية."
وأوضح أحداف"أننا في المغرب خلافا للعالم الجديد أمريكا، لم نتساءل يوما عن الكلفة الاقتصادية للاعتقال الاحتياطي، فالمعتقل الاحتياطي هو شخص بريء صحيح أن القضاء قد ينتهي إلى إدانته كما ينتهي إلى تبرئته، لكن تكاليف التطبيب والاقامة والطعام خلال فترة الاعتقال قد تصل إلى أرقام مهولة".
أما أستاذ العلوم الجنائية عبد الجليل العينوسي فقد نبه إلى أن "المشرع المغربي أضفى على الاعتقال الاحتياطي الطابع الاستثنائي، حيث لا يمكن اللجوء إليه إلا في الحالات التي يستلزمها التحقيق، لكن تبين من خلال واقع الممارسة العملية أن هناك للأسف نوع من الإفراط في اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، وبالتالي أصبح تدبيرا رئيسيا".
وأردف العينوسي انه "في ظل الجوانب السلبية للاعتقال الاحتياطي على المؤسسات السجنية، كان لابد من تدخل المشرع من خلال مشروع قانون المسطرة الجنائية لعقلنته وتكريس طابعه الاستثنائي لأنه يستوعب ساكنة سجنية مهمة، لذلك تم التنصيص على أنه لايمكن اللجوء إلى هذا التدبير إلا إذا تعذر تطبيق تدبير آخر، بمعنى أنه تعذر إيداع أو استفادة شخص من الكفالة الشخصية والمالية وتعذر وضعه تحت المراقبة القضائية".
وشهدت الندوة، إلى جانب المداخلات، الوقوف على مجموعة من المفاهيم القانونية مثل مفهوم الاعتقال الاحتياطي الذي عرفه المشاركون بأنه "سلب حرية المتهم قبل إدانته" ومفهوم السياسة الجنائية وهي "مجموعة من التدابير الزجرية التي تتخذها الدولة لمكافحة الجريمة".