"التبراع هو لون شعري وغنائي نسائي بامتياز، فهو شعر وغزل نسائي بالرجل، فكلمة التبراع مأخوذة من التبرع، أي أن المرأة تتبرع بهذا الشعر إلى رجل بدون انتظار مقابل. أما إذا نسبنا التبرع إلى البراعة فمعناه أن المرأة الصحراوية "تبرع في سبك شطرين شعريين يحتويان على مشاعر عميقة"، هكذا عرّفت الباحثة في التراث الحساني، العزة بيروك، التبراع الذي تمحورت حوله ندوة بعنوان "الأدب النسائي في الصحراء، تجارب.. وأجناس" في قاعة الاوداية، يوم الأحد 04 يونيو 2023، ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب.

في كلمتها الافتتاحية للندوة، أكدت، الباحثة والأكاديمية ومسيرة الندوة، العالية ماء العينين، أن "الصوت النسائي في الصحراء كان دائما حاضرا، ليس فقط في جانب الإبداع الحساني أو الأمثال والحكايات باعتبارها صوت الجماعة، بل حتى على مستوى الأجناس الحديثة كالشعر الحساني الذي كسر بنية القصيدة العمودية مع ديوان "حناء صحراء الزعفران" لصاحبته الراحلة عزيزة يحضيه".

وسردت الباحثة العزة بيروك، في مداخلتها، مراحل تطور التبراع في الصحراء قائلة إن "التبراع مر بعدة مراحل؛ في البداية كان يلقى فوق الكتبان الرملية وتقوم النساء بغنائه لوحدهن"، قبل أن يستقر على حاله اليوم حيث "أصبحت النساء تصرحن بتبراعهن، فلم يعد هناك تحفظ وإخفاء لتبرعهن، ولعل المثال على ذلك هو تواجد النساء المتبرعات في أروقة المعرض".

وعن التقاطعات بين التبراع والغناء، أوضحت الدكتورة العزة بيروك، أن "التبراع لا يقال إلا ملحنا، فلا يمكن أن نجد مجلسا شعريا تجلس فيه النساء إلا وكل واحدة منهن تلقي تبريعة ملحنة، إذن فهو غناء بالدرجة الأولى، لأن التبراع يخضع لضوابط شعرية ولبحر شعري معين، ويحترم عدد السواكن وعدد الحركات، فهو غناء لا يحتاج إلى أي آلة موسيقية لا يمكن أن نستلذ به ونستمتع بع إلا ملحنا".

من جانبه الباحث في الثقافة الحسانية، مولود محمد الأحمدي، ألقى مداخلة بعنوان "بوح بصيغة المؤنث من على ضفاف الساقية والوادي"، والتي تحدث فيها عن التجربة الرائدة للإبداع النسائي في الأقاليم الجنوبية، معتبرا أن "التبراع يمثل قدرة المرأة الصحراوية على الإبداع الذي لا يعتبر حكرا على الرجل".

وأشاد مولود الأحمدي بـ"حرص اللجنة المنظمة للمعرض على إشراك كافة الروافد الثقافية للمملكة"، مبرزا أن "هذا الكوكتيل الثقافي الحاضن للوعاء المجالي للمملكة الحاضر في المعرض هو تجسيد لتأكيد الحرص الدستوري على ضرورة تثمين وصون كافة الثقافات المغربية بما فيها الثقافة الحسانية". فيما دعت الدكتورة العزة بيروك، في ختام مداخلتها، الباحثين في الثقافة الحسانية إلى الاهتمام أكثر بهذا التراث الشعري من خلال جمعه وتدوينه لصيانته من الضياع والنسيان.