شهدت فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، عصر يوم الخميس 16 ماي 2024، ندوة علمية حول موضوع "الذكاء الاصطناعي والمكتبات"، بحضور ثلة من الأساتذة المختصين في هذا المجال.
استعرضت الندوة التحولات الكبرى التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في صناعة المعلومات وتوليد المعرفة، وهــي اختصاصـات تتداخـل مـع وظائـف المكتبـة علـى مـر العصور، إلى جانب طرح مختلف التحديـات التي تفاقمـت بظهور تقنيــات الــذكاء الاصطناعــي مثــل أخلاقيــات البحــث العلمــي، والملكيـة الفكريـة، والتوثيـق، وكيـف يمكـن التعاطـي معهـا فـي ظــل ضعــف التشــريعات والقوانيــن التي تؤطر اســتخدام هــذه التقنيـات.
وفي هذا السياق، قدم الأستاذ نبهان بن حارث الحراصي رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، مداخلة تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي في قطاع المكتبات وأبرز التحديات"، تطرق فيها إلى أهم مبادرات استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع المكتبات والمعلومات، والتحديات التي تواجه هذا القطاع أو قد تواجه الثقافة عامة؛ مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعي هو أحد التطورات الحضارية الطبيعية للإنسان وبالتالي يجدر التساؤل عن كيفية استثمار هذه التقنية في مختلف القطاعات، وأهمها قطاع المكتبات والمعلومات والوثائق.
وأكد الأستاذ نبهان بن حارث الحراصي، أن هناك مجال واسع لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، إما الاستخدام الشخصي لتقنيات الذكاء الاصطناعي للأفراد الذين يعملون في هذه المكتبات ويسخرونها في عملهم، أو تسخير المكتبات لطاقاتها ومصادرها لاستغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.
وقال المتحدث نفسه: "لا توجد في الوقت الحالي سياسة استراتيجية واضحة للمكتبة، إنها تتحول إلى الذكاء الاصطناعي، لكن ما هو موجود أو ما توقفت عنده المكتبات كاستراتيجية، هو استخدامها مثلا للواقع الافتراضي، واستخدامها لتقنيات انترنت الأشياء"، مضيفا أن هذه التقنيات متواجدة بالعديد من المكتبات مثل مكتبة "محمد بن راشد" في الإمارات ومكتبة "قطر" في قطر، إذ يستخدموا بعض من هذه التقنيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لكنها تقنيات مرتبطة بشكل كبير بالواقع الافتراضي ايضا مرتبطة بأنترنت الأشياء.
كما أبرز السيد نبهان بن حارث الحراصي العديد من التحديات المرتبطة بهذا المجال، منها ما هو مرتبط باللغة وذلك بطغيان اللغة الإنجليزية بنسبة تبلغ 90% من لغات الموقع الافتراضي، ومنها ما هو مرتبط بالثقافة بحيث توجد إمكانية عدم تناسب تلك المعطيات مع جميع الثقافات، إلى جانب وجود فجوة بين الدول، مشيرا "فطالما أن هناك تقنيات فهناك فجوات كبيرة بين الدول".
وفي الإطار نفسه، قدمت الدكتورة نزهة ابن الخياط أستاذة التعليم العالي في مجال علوم الإعلام، مداخلة تسلط الضوء على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في المكتبات ومؤسسات المعلومات، إذ تتعدد الإمكانيات المتاحة للذكاء الاصطناعي لإدارة المعرفة ومشاركتها كما تتعدد التحديات التي تحيط بها.
وتضيف السيدة ابن الخياط أن وظائف المكتبة أو مؤسسات المعلومات هي جمع ومعالجة ونشر المعلومات، مشيرة إلى مكتبة جامعة القرويين، التي تعد من بين أقدم الجامعات، والتي المكتبة نحو استخدام آليات الذكاء الصناعي حسب الحاجة، وتوفر خوارزميات للتعلم الآلي إلى جانب معالجة اللغة الطبيعية وكذا معالجة الصور والفيديو، وتقديم واجهات برمجية مبسطة، وكذا العمل بكفاءة ودقة وفعالية.
فاستخدام الذكاء الصناعي حسب الأستاذة ابن الخياط، يشارك الجامعات والمكتبات والمؤسسات في جوانب عدة، يتعين الاستفادة منه لتحقيق تلك الوظائف والخدمات، وذلك من أجل بناء الموارد، والمعالجة والحفظ ودعم المهنيين والمستخدمين، إضافة إلى المحافظة على الأمن المعلوماتي، والذي تستخدم فيه مجموعة من خوارزميات الذكاء الصناعي للمحافظة عليه، كالتحقق من هوية المستخدم، وتحليل أنماط وأوجه التشابه بين الأوراق العلمية، فضلا عن تمكين المكتبة من السهر على احترام حقوق الطبع والنشر.
وعلى الرغم من إتاحة الذكاء الاصطناعي لفرص ومزايا عديدة، والتي تندرج في إطار تحسين خدمات المكتبات ومؤسسات المعلومات ولزياده فعاليتها، إلا أنه قد يواجه العديد من التحديات التي ناقشتها الأستاذة ابن الخياط، والتي تتمثل في التنافسية، تحديات المحتوى الرقمي، التحديات البشرية، تحديات التأثير على الصحة النفسية والاجتماعية، وتحديات التحكم الأخلاقي والمسؤولية.
من جهتها، أشارت الأستاذة هناء الغول، أستاذة بمدرسة علوم المعلومات، في مداخلتها إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في المكتبات والجهات البحثية، واعتبرت السيدة الغول مكتبة الجامعة من الفاعلين رئيسيين في إمكانية الوصول إلى المنشورات والبيانات البحثية وإبرازها، مؤكدة أن لتعزيز مكانة المكتبات في الجامعات، يجب دمج الذكاء الاصطناعي في أنشطة المكتبة لتحسين الخدمات المقدمة للمستخدمين، بحيث أصبحت إمكانية الوصول وإدارة البيانات من أولويات الجامعات، إلى جانب تحليل المنشورات العلمية وأتمتة المهام المتكررة لتحسين إدارة البيانات، وأيضا التشغيل الآلي لتجهيز الوثائق، فهرسة تحليل المحتوى ومعالجة اللغة الطبيعية لفهم معنى الكلمات الرئيسية.
وأضافت الأستاذة الغول، أن استخدام الذكاء الاصطناعي يتم في مكتبات الجامعة لتحليل البيانات، وتقديم توصيات شخصية أو للمستخدم، ولتحسين التعاون وأتمتة اكتشاف السرقة الأدبية لإدارة حقوق النشر والتحقق من النزاهة، الترجمة التلقائية للوثائق باللغات المختلفة، وتصنيف المحتوى لتحديد المفاهيم الرئيسية وفهم العلاقات بينها وتقييم أهمية المنشورات من خلال تحليل اقتباسات المراجعات والمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي والمنابر الأكاديمية.
وفي الإطار نفسه، شدد الأستاذ عز الدين بناني على ضرورة الرقمنة في المكتبات باستعمال الأدوات الحديثة، بحيث يمكن الوصول إليها بطريقة سهلة وضمان استدامتها، مضيفا أن من الضروري مراجعة مفهوم المعرفة والمعلومة والعلاقة بينهما، وتحديث هذا المفهوم ليتماشى اليوم مع العالم الرقمي، مبرزا أهمية دعم الشباب لتقبل المفاهيم الجديدة المناسبة، مما يتيح لهم الوصول إلى المعلومات وترجمتها إلى مصطلحات مفهومة في سياقها.