شكل دور المجلس الأعلى للسلطة القضائية في دعم قيم النزاهة واستقلال القضاة، محور ندوة تم تنظيمها اليوم الخميس 8 يونيو 2023، في إطار مشاركة المجلس في فعاليات الدورة 28 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي ينظم بالرباط تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
في مستهل الندوة، ألقى محمد زوك، رئيس لجنة الأخلاقيات ودعم استقلال القضاة في المجلس الأعلى للسلطة القضائية، كلمة أكد فيها أن العالم يشهد توجهًا عامًا نحو تنظيم الأخلاقيات في العقود الأخيرة في العديد من المجالات العامة والخاصة. وأشار إلى أن المادة 106 من القانون التنظيمي للمجلس تلزمه بإعداد واعتماد مدونة للأخلاقيات، وقد تم إصدارها ونشرها وتطبيقها حاليًا.
وأوضح محمد زوك أن الأخلاقيات بشكل عام تمثل مجموعة من القواعد المعتمدة لخلق مسار صحيح في مهنة محددة. وأكد أن مدونة الأخلاقيات القضائية التي تم نشرها تستهدف القضاة، ولكنها في الأساس تهدف إلى التواصل مع الأطراف المتعاملة والمتقاضية لتعريفهم بالمعايير التي يجب أن يتبعها القاضي في ممارسة مهامه الوظيفية.
وأضاف المتحدث أن مشرع مدونة الأخلاقيات القضائية قد وضع وسيلتين رئيستين لتفعيلها. الأولى هي لجنة الأخلاقيات ودعم استقلال القضاة التابعة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتتولى هذه اللجنة مهمة نشر المدونة وتعزيزها على المستوى الوطني والتواصل بشأنها في الدوائر القضائية. والوسيلة الثانية هي مستشارو الأخلاقيات الذين يساعدون في تنفيذ هذا التفعيل والتواصل بشأن المدونة.
وفي كلمته، أفاد عبد اللطيف الشنتوف، عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن ضمانات تدبير الوضعية المهنية للقضاة تشير إلى الجهود التي يبذلها المجلس في إطار صلاحياته في تنظيم وضعية القضاة، بدءا من التعيين وصولًا إلى الترقية والتأديب والتقاعد. وأكد أن هذا المجال قد شهد تطورًا على مراحل متعددة في تاريخ المغرب بعد الاستقلال، مع إقرار سلطة قضائية مستقلة وتكليف دستوري للمجلس بتنفيذ الضمانات الممنوحة للقضاة.
وأضاف الشنتوف أن الهدف الرئيسي لهذه الضمانات هو حماية استقلال القضاة، مشيرا إلى أن المجلس يستند في تنظيم وضعية القضاة المهنية على معايير موضوعية متفق عليها، ويتولى لجان داخل المجلس تنفيذها. وهذه المعايير تتمثل في قوانين تنظيمية محددة في القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.
بدوره حسن الحضري، نائب المفتش العام للشؤون القضائية، أوضح أن استقلالية القضاة تعني حالة صفاء الذهن للقاضي، حيث يجب أن يتمتع القاضي بالقدرة على اتخاذ قراراته وإصدار أحكامه بدون تأثر بأي ضغوط أو تدخلات خارجية. وأشار إلى أن قرارات القضاة لها تأثير على حريات وحقوق الأفراد والجماعات، ولذلك يجب أن يتمكن القاضي من اتخاذ هذه القرارات بحرية تامة ودون تدخلات خارجية.
وأوضح السيد الحضري أن مبدأ استقلالية القضاء لم يتم تشريعه من أجل إرضاء رغبات القضاة الشخصية، بل تم تشريعه بغرض خدمة المتقاضين وضمان العدالة في المحاكمات. وأكد أن هذا المبدأ هو واجب على القاضي وليس مجرد حق، وأنه ليس امتيازًا للمنصب القضائي، ويشمل جميع أشكال التأثير الخارجي على القاضي.
وأكد منير المنتصر بالله، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط ومستشار الأخلاقيات، على أهمية مدونة الأخلاقيات التي تحتوي على مفاهيم أخلاقية مهمة. وأشار إلى أن المدونة توفر خارطة طريق للعمل القضائي الصحيح، وتوجه وتوجيه واضحين للقضاة في سبيل اتخاذ قراراتهم بحكمة ونجاح. وأكد أن المدونة تجمع بين الأهداف والوسائل، وتركز على قيم الاستقلالية والحياد والتجرد والمساواة والنزاهة والكفاءة والاجتهاد والجرأة والشجاعة الأدبية والتحفظ واللياقة وحسن المظهر.
وأشار المنتصر بالله إلى أن دور مستشار الأخلاقيات ينقسم إلى قسمين. القسم الأول هو الدور الوقائي الذي يتضمن التوعية والتحسيس بمضامين المدونة. أما القسم الثاني فهو رصد الانتهاكات وتحليلها، وهذا يتطلب من مستشار الأخلاقيات المعرفة الشاملة بقواعد المدونة وأعراف العمل القضائي والسلوك القويم. ومن ثم يتعين تقييم تصرفات المتورطين ومعرفة ما إذا كانت تشكل انتهاكا وانتهاكا للمدونة أم لا.