نُظمت برواق وزارة الشباب والثقافة والتواصل في فضاء المعرض الدولي للنشر والكتاب، صباح السبت 10 يونيو 2023، ندوة بعنوان "أنفاس جديدة في الترجمة". جمعت هذه الندوة كلا من عز الدين العلام المترجم وأستاذ العلوم السياسية، والناقد والمترجم المغربي خالد بلقاسم، والمترجمة الكويتية دلال نصر الله.
استهل الندوة الناقد والمترجم المغربي خالد بلقاسم بتقديم ورقة في موضوع الترجمة، عنونها بـ: "بين تجربة القراءة وتجربة الترجمة "، واستهلها بعبارة: "ثمة في مقدمة ما يفصلهما درجة الحرية التي تسمح بها كل منهما"، مشيرا إلى ما يفصل بين القراءة والترجمة قبل التعريج على ما يصلهما حسب تصوره. "رغم أن الحرية فيهما مقيدة (القراءة والترجمة) بأسس معرفية وبما راكمه التأمل عنهما في مسار التاريخ الإنساني، يبدو حيز الحرية في تجربة القراءة أوسع مقارنة بمساحته في تجربة الترجمة"، هكذا يصف الناقد والمترجم المغربي عنصرا من عناصر الاختلاف والتمايز (الحرية) بين تجربة القراءة وتجربة الترجمة. بالإضافة لحيز حضور الذات القارئة فيما تصوغه من داخل تجربة القراءة أكبر من حيز حضور الذات المترجمة في تجربة الترجمة، دون أن يعني ذلك أن ذات المترجم لا تتسلَّل إلى تجربته "الترجمية"، يضيف المتحدث نفسه.
أما بخصوص اتصال التجربتين، فهو مرتبط أساسا "بنهوضهما معا على فهم الأصل الذي منه تنطلقان، علما أن الفهم الذي يقرب بين التجربتين موسوم هو ذاته بالاختلاف" يقول خالد بلقاسم. كما أن تقاطع التجربتين، يُردف، مرتبط أيضا بنهوضهما معا على التأويل الذي لا يستقيم إلا عبر تشابكه مع الفهم والمعنى. إن من محددات مهمة المترجم أن يساهم قي تمكين الأصل المُترجم من البقاء على قيد الحياة، كما هي القراءة تمكين المقروء أن يبقى حيا، فالقراءة مُؤتمنة مثلُ الترجمة على ما يبقي النصوص على قيد الحياة.
المترجمة الكويتية دلال نصر الله التي تُترجم من اللغة الإيطالية للغة العربية بشكل خاص، وفي معرض جوابها عن دوافع ترجمتها للسير الذاتية تقول إن "المترجم عموما لا يستطيع أن يترجم كتابا لا يحبه ولا يستسيغه". وتضيف بأنها تترجم ما ينقص المكتبة العربية، وإن أحد عيوب الترجمة هو طغيان صوت المُترجم على صوت الكاتب الأصلي، إنها "تعريب للنص بطريقة ما".
ترى دلال نصر الله أن من بين الصعوبات التي تواجه المترجم هو صعوبة إيجاد منطقة وسط بين صوته الشخصي وانتمائه وهويته وصوت الكاتب الأصلي. وعن حركة الترجمة في العالم العربي تبرز المترجمة الكويتية، أن دور النشر العربية تقبل على نشر الترجمات لأن لها سوقا ورواجا عند القارئ العربي، لكن هناك في السنوات الأخيرة عملية انتقاء للترجمة والمترجمين. وتضيف بأن دور النشر العربية لم تعد تقتصر على انتقاء الترجمات فقط، بل أصبحت تقوم بعملية مراجعة لها ومطابقة للنص الأصلي.
أما أستاذ العلوم السياسية والمترجم عز الدين العلام فيصف علاقته بالترجمة بأنها علاقة باللغة الفرنسية وأن الترجمة "حياة أخرى للنص"، ويؤكد على أهمية امتلاك الفرد للغة ثانية، لأن البحث العلمي يفرض ذلك لضرورة اللجوء للمراجع المكتوبة في تخصص ما، ويشدد أيضا في عملية الترجمة على ضرورة الإلمام بسياق الكتاب المُترجم وكاتبه واتجاهه الفكري، وأن الإلمام بموضوع الكتاب المُترجم ضرورة قصوى في كل الحالات. ويضيف عز الدين العلام: "الترجمة خلصتني من الايديولوجية" في معرض سرده لمنافع الترجمة عليه شخصيا، "وزودتني بالحس النقدي في مواجهة الأفكار السائدة في السبعينيات والثمانينيات، وخصوصا في مواجهة الأيديولوجية الباردة (الفكر الشيوعي)".