احتضن فضاء "لقاء" بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025، ندوة فكرية بعنوان "المغرب المتعدد: الحركة الأدبية الشبابية في الأدب الأمازيغي"، بمشاركة نخبة من الكتاب والباحثين الشباب الذين يمثلون الجيل الجديد من الأصوات الإبداعية في المشهد الأدبي الأمازيغي المعاصر.
وسلّط المتدخلون الضوء على التحولات التي عرفها هذا الأدب، خصوصا منذ الخطاب الملكي التاريخي بأجدير وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حيث شكل هذا المنعطف السياسي والثقافي بداية لمرحلة جديدة من الحضور المؤسساتي للغة الأمازيغية، وهو ما فتح آفاقا جديدة أمام الشباب للإبداع والتعبير الأدبي بلغتهم الأم.
أدار الندوة الباحث الحسن زهور، بحضور كل من المتدخلين عزيزة نفيع، وإبراهيم منصوب، وصالح أيت صالح، حيث تقاسموا تجاربهم في الكتابة بالأمازيغية، مؤكدين أن الحركة الأدبية الشبابية تشهد دينامية متزايدة في مختلف الأجناس الأدبية، من شعر وسرد ونقد، مع الإشارة إلى التحديات التي تواجهها، وعلى رأسها محدودية النشر والتوزيع، ونقص التكوين الأكاديمي المتخصص، إلى جانب الحاجة إلى فضاءات حقيقية للاحتضان والتشجيع.
وشكل الحضور القوي للجمعيات الثقافية، مثل رابطة "تيرا" للكتاب بالأمازيغية، عاملا محوريا في دعم هذه الحركة، إذ ساهمت في تنظيم لقاءات، وورشات تكوينية، وملتقيات أدبية، كان لها دور فعّال في صقل مواهب الشباب وتحفيزهم على النشر والمساهمة في إنتاج خطاب أدبي جديد، يعكس عمق الثقافة الأمازيغية وتنوعها داخل السياق المغربي العام.
وأكد صالح أيت صالح، كاتب وروائي أمازيغي، أن "الحركة الأدبية الشبابية بالأمازيغية شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، خاصة فيما يتعلق بإعادة الاعتبار للأدب الشفوي بوصفه مكونا أصيلا من الموروث الثقافي الأمازيغي".
وأوضح أن "هذه الدينامية أسفرت عن بروز أجناس سردية متعددة، من بينها الرواية والقصة القصيرة والقصيرة جدا، إضافة إلى أدب الطفل والمسرح"، كما أشار إلى أن "هذه الطفرة الإبداعية تُجسدها أزيد من 307 إصدارات أدبية ونقدية، أنجزها شباب ساهموا في تجديد الخطاب الأدبي وتوسيع مجالاته، سواء من خلال التأليف أو عبر دراسات نقدية عمقت من فهم النصوص الأمازيغية الحديثة".
في السياق نفسه، عبّرت عزيزة نفيع أستاذة اللغة الأمازيغية، وهي أيضا كاتبة وقاصة أمازيغية، عن فخرها بما وصلت إليه اللغة الأمازيغية. "فخورة جدا أن تحظى اللغة الأمازيغية اليوم بمكانتها المستحقة إلى جانب العربية والفرنسية، كلغات حاضرة في المشهد الثقافي المغربي، وما لا يعرفه كثيرون، هو أن هناك جيلا جديدا من الكتاب الشباب الذين يبدعون نصوصا بالأمازيغية، سواء في مجالات القصة أو الشعر أو الرواية، وهو ما يمثل تحولا نوعيا في المسار الأدبي الوطن".
وأضافت الكاتبة أن "هذا الزخم الأدبي يعكس اعترافا رسميا وفعليا بأهمية الأمازيغية في البناء الثقافي للمغرب، وهو ما جسده قرار جلالة الملك محمد السادس بتنصيص رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية مؤدى عنها، بما يحمل من دلالات رمزية قوية تعزز حضور اللغة الأمازيغية في الفضاء العمومي، فضلا عن أن الجهود المؤسسية، وعلى رأسها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ساهمت بشكل كبير في دعم الإبداع بالأمازيغية، وتمكينها من فرض نفسها كلغة قادرة على التعبير الأدبي والفني، وليست فقط أداة تواصل شفوي".
واختتم المتدخلون الندوة بالتأكيد على أن السنوات الأخيرة شهدت صدور عدد ملحوظ من الأعمال الأدبية بالأمازيغية، من دواوين شعرية، وروايات، ومجموعات قصصية، وكتب نقدية، ما يدل على حيوية هذا الأدب وقدرته على التجدّد والتعبير عن انشغالات الجيل الجديد.
وشدّد المشاركون على أن هذه الندوة "فرصة للتأكيد على أن الأدب الأمازيغي الشبابي لم يعد مجرد تجربة هامشية، بل أصبح مكونا أساسيا في المشهد الثقافي المغربي، يسائل التحولات المجتمعية، ويقترح رؤى جديدة من داخل اللغة والثقافة الأمازيغيتين"، كما دعوا إلى ضرورة توفير مزيد من الدعم المؤسسي، ودمج هذا الأدب في السياسات الثقافية والتعليمية، ضمانا لاستمراره وتطوره في المستقبل.