نظمت برحاب فضاء الندوات بالمعرض الدولي للنشر والكتاب ندوة تحت عنوان "الجداريات وجمالية المدن المغربية" لمناقشة تاريخ فن الجداريات بالمغرب ودورها في تعزيز الجانب الجمالي للمدن المغربية.
وافتتحت الندوة بكلمة من عالم الاجتماع المغربي أحمد شراك الذي تناول فن الجداريات من منظور سيوسيولوجي إذ أوضح أن " فن الجداريات رغم ماوصل إليه اليوم من تطور، لقي على غرار باقي دول العالم، مقاومة ورفضا من طرف السكان لأنها تخترق الملكية التي تعتبر مقدسة لدى المغربي، إذ أن مجرد ركن سيارة أمام بيته أمر غير مقبول لذلك لانجد الكرافيتي أو فن الجداريات على واجهات المنازل في المدن المغربية".
وتابع شراك قائلا "إن فن الكرافيتي لقي أيضا رفضا من السلطات التي كانت تنظم حملات لمحوه، فنجد مثلا أن بلدية نيويورك كانت تخصص مبالغ مالية مهمة لإزالة الرسومات على إطارات الأنفاق وواجهات المتاجر، لذلك أصبح لدينا نوع من المكر المزدوج حيث يمكر عشاق الفن بالسلطة خلال توظيفهم للجداريات كوسيلة للتعبيرعن السخط والاعتراض وتمكر السلطة بدورها بهؤلاء وبفن الكرافيتي عموما".
وعن تاريخ الكرافيتي أو فن الجداريات في المغرب، يقول شراك "فن الجداريات كان في أوله فن خطي، وبدأ في مدينة فاس، وكان عبد الله كريو من أشهر فناني الجداريات في المغرب، إذ كان، رغم أميته، يضع رسومات وأيقونات تثير الانهبار ليتطور بعد ذلك هذا الفن إلى جداريات فرضت نفسها في فرنسا وفي أمريكا وفي مختلف دول العالم.
أما الشاعر والفنان التشكيلي المغربي عزيز أزغاري فقد تحدث عن تاريخ فن الجداريات مؤكدا "أن الإنسان الأولي وعى العالم وعرفه عن طريق حاسة البصر وكان فن الرسم والنقش على الكهوف أول ممارسة استطاع أن يدشن بها الإنسان وجوده في الطبيعة".
وأضاف زغازي أن "فن الرسم شكل بالنسبة للإنسان وسيلة للتعبير عن مخاوفه وتجسيدها حيث عكست تلك الرسومات والنقوش التي يرسمها خوفه من الحيوانات الضارية، والدليل ماتم اكتشافه في جنوب المغرب وفرنسا من رسومات تصور عملية القنص واستباق نتيجتها قبل حدوثها".
وأشار المتحدث في نهاية مداخلته إلى"ضرورة تطوير فن الجداريات لخلق ثقافة ووعي بصري لدى المغاربة، إذ أن تأخر تعاطي المغربة وتفاعلهم مع الفن ينتج عنه عطب يؤثر على الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المغربي".
من جهته، قال الناقد والأستاذ التشكيلي بنيونس عميروش"إن فن الكرافيتي يرتبط ارتباطا وثيقا بالعمارة، وينصب أساسا على الواجهات المفرغة من النوافذ للشوراع والممرات مما يجعله متصلا بالفضاء العمومي كأحد الأماكن التي يتم فيها التواصل بين مختلف الأشخاص وهو مايسمح بأنسنة هذا الفضاء من خلال إتاحة الفرصة للإنسان أن يعبر عن نفسه عبر هذا الفن".
وأشار عميروش إلى "أن فن الجداريات تطور بشكل كبير في المغرب حيث أصبحنا نشاهد لأول مرة جداريات على شكل بورتريهات والتي نجدها في مصر على شكل تماثيل مثل تمثال أم كلثوم وتمثال محمد عبد الوهاب".
وقد شهد فن الجداريات أو فن الكرافيتي تقدما ملحوظا في المغرب إذ أصبح أحد أبرز فنون الشارع التي أصبحت تقام له مهرجانات خاصة بها مثل مهرجان "الفنون التشكيلية" بأزمور ومهرجان "جدار بالرباط.