ضمن فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، نظمت لجنة التراث بكلية الطب والصيدلة وطب الأسنان بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ندوة علمية حول موضوع "المدرسة الطبية في المغرب، مقاربة تاريخية"، سير أشغلاها الدكتور البشير بنجلون، وذلك يوم الجمعة 17 ماي، حضور أساتذة مختصين في هذا المجال.
وتأتي هذه الفعالية، لدراسة مقومات المدرسة الطبية المغربية في بعدها التاريخي، وإشكالية الهوية في ظل التراث الطبي الأندلسي، مع تسليط الضوء على آفاق هذه المدرسة الطبية ما بين الإرث التراثي وموجبات الحداثة.
وفي هذا السياق قدم الأستاذ محمد براص أستاذ التاريخ المعاصر وعضو لجنة التراث، مداخلة تعالج المقاربة التاريخية ما بين الأصالة والبعد الهوياتي والتحديث، مشيرا إلى أن "الحديث عن مدرسة طبية في المغرب يطرح اليوم العديد من التساؤلات على مستوى الخصوصية والثقافة والمسار العلمي والاجتهاد الفكري في مجال الطب والصيدلة وطب الأسنان وغيرها من صنوف التطبيب"، مضيفا أن هذا البعد يحيل على أهمية التأصيل التاريخي لهذا الموضوع، بمعنى الحديث عن مدرسة طبية مغربية في ظل معرفة علمية وتاريخية، مشيرا إلى أن هذا الموضوع يطرح إشكال آخر يتحدد في مدى حضور فعل الطبيب وتقاسمه المشترك لخدمة الإنسان بمفهومه الكوني.
وفي مداخلته سلط الأستاذ براص الضوء أيضا على مقومات المدرسة الطبية ضمن البعد التاريخي، بحيث يطرح الحديث عن المدرسة الطبية وفق المقاربة التاريخية العديد من الإشكالات المعرفية، فهو مفهوم أكثر عمقا ودلالة من حيث الإدراك والتقدم في الخلاصات والنتائج الفكرية في المجال الطبي، كما قارن المتدخل بين المدرسة الطبية والأندلسية، مناقشا مفهوم هوية الطبيب الأندلسي ووعيه لذاته وانتمائه لمجاله الجغرافي، محددا مدى اندماجه في مسار بنية فكرية لحقل التطبيب والعلاج الذي يشترك فيه مع الطبيب المحتضن ضمن مجال المغرب الأقصى.
من جهته، ركز الأستاذ جمال بامي، عضو لجنة التراث ورئيس مركز علم وعمران بالرابطة المحمدية للعلماء، في مداخلته على البعد الأبستمولوجيا للمدرسة الطبية المغربية الأندلسية، مؤكدا على المبدأ التراكمي للمعرفة الطبية على مدى الزمان، مضيفا أن في تاريخ الطب المغربي الأندلسي هناك مجموعة من الثوابت، أهمها اقتران الحكمة بالتجريب لأن جميع الأطباء العلماء كانوا فلاسفة كبار كابن رشد وابن طفيل، إلى جانب الجمع بين الطب وعلم النبات والفلاحة بشكل نسقي، مع إدراج علم التغذية ضمن المفهوم الشامل ، وكذا الجمع بين العلم والعمل كأساس جوهري، إلى جانب الجمع النسقي الدائم في الطب المغربي الأندلسي بين الطب وعلم التغذية، مع تسليط الضوء على الرؤية الشاملة في الثقافة المغربية الأندلسية كمراعاة البيئة والأحوال الاجتماعية والاقتصادية.