الرباط – (رويترز) – سعى عدد من الباحثين والنقاد لاستجلاء صورة الرباط من خلال الكتابات الأدبية والدراسات التاريخية، في ندوة نُظمت اليوم السبت على هامش الدورة 27 لمعرض الكتاب الدولي المقام حاليا بالرباط.
وبعد عدة دورات للمعرض بمدينة الدار البيضاء، يأتي احتضان الرباط لأول مرة معرض الكتاب، تماشيا مع اختيارها عاصمة للثقافة الأفريقية لعام 2022.
وقال الباحث والأكاديمي المغربي محمد احميدة الذي ركز على صورة الرباط في الكتابات الأدبية المغربية، إن الرباط كانت ملهمة للعديد من الشعراء والقصاصين والروائيين.
وأشار احميدة إلى ما ذكرته القاصة المغربية فاطمة بوزيان، في قصة قصيرة نُشرت في ملحق صحيفة “العلم” اليومية المغربية في مارس آذار 2006، بعنوان “ليالي الأنس في غضب”، إذ قدمت الرباط بوصفها “مدينة التناقضات”، وأبرزت صورا متعددة للرباط وليس صورة واحدة.
وقال احميدة “القصة تُلخص نظرة مواطن مغربي قادم من مدينة صغيرة” إذ قدمت الكاتبة من مدينة الناظور بمنطقة الريف شمال شرق المغرب.
وتلخص العبارة التي كتبتها فاطمة الكثير عن هذه المدينة “الغامضة” عندما قالت “أحار في وصف الرباط التي عرفتها قبل أن أراها، ولم أعرفها حين أصبحت من ساكنتها”.
فالكاتبة تصور حيرة مواطن مغربي قادم من مدينة صغيرة إلى الرباط “كلما استعصى أمر إداري أو استشفائي، على المواطن أن يأتي إلى الرباط، وكذلك كل من أراد الهجرة أو استعصى عليه أي أمر”، على أساس أن المدينة تعتبر العاصمة الإدارية للمملكة وبها عدد من المرافق الضرورية لاحتياجات المواطنين.
ويقول احميدة إن الكاتبة تروي في هذه القصة كيف أن الرباط تساعد على التحرر والتغير حيث “نزعت أمها التي قدمت إلى الرباط من أجل العلاج، اللثام الذي كان يحجب وجهها، وارتادت المقاهي والمطاعم لأول مرة”.
لكن لما استقرت الكاتبة في الرباط “وجدت الرباط رباطات، رباط الفقراء، ورباط الأغنياء ” ليستخلص الباحث من خلال القصة “صعوبة الوافدين إلى الرباط من مدن أخرى، خاصة الصغرى، في التأقلم”.
ويشير احميدة إلى أنه على الرغم من انبهار الكاتبة في البداية ومحبتها للرباط “لم تعد ترتاح إليها إلا لأشياء في المدينة تشبه مدينتها الريفية”.
وأشار الشاعر والناقد والباحث المغربي أحمد زنيبر، الذي سلط الضوء على الرباط من خلال الكتابات الشعرية، إلى كتابات عدد من الشعراء المغاربة المعروفين مثل عبد الرفيع الجواهري وحسن نجمي ومحمد الأشعري.
واختار زنيبر الشاعر المغربي محمد العمراوي صاحب ديواني “باب الفتوح” و”مجمع الكلام” ودواوين أخرى يشير فيها إلى مدينة الرباط.
وأبرز مفهوم البحر -حيث تطل الرباط على المحيط الأطلسي- والنهر -حيث يخترقها نهر أبو رقراق- وكذلك بعض الأماكن التاريخية التي تعود إلى عهد الأندلسيين الذين قدموا إلى الرباط بعد سقوط الأندلس.
وكذا مواقع أثرية، أشهرها موقع شالة التاريخي الذي يعد حصنا محاطا بالأسوار لحماية المدينة تاريخيا.
وقال إن الشاعر “استعان بلغة شعرية يتداخل فيها الذاتي بالموضوعي والمتخيل بالواقع إذ تظل الرباط تحفل بالواقع والذكرى إلى أن يعثر الشاعر على معناه”.
وخلص زنيبر إلى أن “الرباط لم تعد فقط مكانا جغرافيا، بل مكانا إبداعيا يتفاعل فيه الشاعر مع المدينة، وبالتالي تصبح القصيدة جزءا من المدينة والمدينة جزءا من القصيدة، وهذا ما يميز المبدع، وليس مجرد مكان إقامة وسكن”.
وتستضيف الرباط المعرض من 2-12 يونيو حزيران، خلافا للدورات السابقة التي نُظمت بالدار البيضاء كبرى المدن المغربية والعاصمة الاقتصادية للمملكة.